رموز الحكمة في الكتاب المقدس: غصن التين





لا زلنا في رحلة بحث " رموز الحكمة " في الكتاب المقدس واليوم الرمز الذي بين ايدينا هو يتعلق بقضية ترقب وانتظار العلامات ونقصد به " غصن التين " كما وصفه يسوع له المجد حين تحدث لتلامذته عن اهمية تمييز الزمان يعني زمان المجيء الثاني  قال لهم ( فمن شجرة التين تعلموا المثل متى صار غصنها رخصاً واخرجت اوراقها تعلمون ان الصيف قريب هكذا انتم ايضاً متى رأيتم هذا كله فأعلموا انه قريب على الأبواب ) (متى 24 : 33.)
 طبعاً هذا المثل له علاقة بموضوع مهم للغاية وهو علامات الازمنة ، ما هو السبب يا ترى ؟....السبب هو انه قد يحصل لجيل من الاجيال وهو الذي سيعاصر ظهور المخلص الالهي في الأزمنة الاخيرة ان كل العلامات تتحقق في حين ان هذا الجيل  لسوء حظه لن يعرف ان يميز الازمان !....وقد يتزامن ذاك الجيل مع حركة المسيح في المجيء الثاني فلا يتعرف على دعوة الحق ، لذلك فالاحتمالية لفوات الاوان وضياع الفرصة في الالتحاق بسفينة الرجل الالهي الذي سيغير العالم هي قائمة بهذا المعنى  . نراه له المجد يوبخهم اي تلاميذه والخطاب لعموم المسيحيين يوبخهم لإخفاقهم في تمييز الزمان حيث قال ( اذا كان المساء قلتم صحو . لأن السماء محمرة وفي الصباح اليوم شتاء لأن السماء محمرة بعبوسة ، يا مراؤون تعرفون ان تميزوا وجه السماء واما علامات الأزمنة فلا تستطيعون ؟) هذا يثبت لنا تأكيد المسيح له المجد على موضوع مراقبة العلامات وخوفه الدائم ان يخفق الجيل الذي يزامن عصر المجيء الثاني والخلاص في التعرف على دعوة الحق ومعلمها العائد للعالم . السبب هو خطاب المشككين ...ولقد كان ولا زال خطاب المشككين يتصدر مشاهد الساحة على مر الازمان وحتى في زمن المسيح له المجد فان العلامات والنبوءات بدأت بالتحقق وعاش الشعب اليهودي في حالة من الحيرة والاستفهام مع تحقق تلك الامور المذكورة في الكتب الا ان رجال الكهنوت الذين هم امناء الناموس والنبوءات رسموا تلك الصورة المشوهة عن الزمان وقالوا ان هذا الجيل هو ليس الجيل الذي سيعاصر ظهور المسيح وكانت النتيجة كارثة انسانية كبيرة حين قوبلت حركة ودعوة يسوع له المجد بالنكران والاتهام والتكذيب والمحاربة ، فوقع ما كان يخشى منه وهو حصول الشك لدى عامة الناس تجاه شخص المخلص الالهي ، وهذه الحالة ستتكرر تأريخياً حين يعيش العالم الذي يشهد مشهد عودة المسيح الى الأرض في حالة من الشك والحيرة والخمول بسبب الخطاب الديني المشكك اولاً وبسبب العيش في عزلة وغفلة عن حقيقة العلامات وماهيتها .
ان مصيبة التأريخ الانساني انه يرى الغصن المورق في كل مرة لكن يختار ان يضع نظارة سوداء معتمة على عينيه اتكالاً على افكار الآخرين او لنقل انه يختار ان يفكر الآخرين بدلاً منه ليلقي المسؤولية عن كاهله كعادة الانسان الاتكالي الفاشل ، وبالتالي فان من ينوب عنه في التفكير سيقدم له الملامح المظلمة والجانب السلبي من حركة ودعوة الملخص التي تدور في سماء الحق فيصفها او يرسمها له على انها دعوة باطل وهرطقة وتجديف ، ولو كلف ذلك الانسان الاتكالي نفسه ان يتصفح الكتاب المقدس ويتفكر في العلامات وما تحدث به المسيح له المجد وانبياء العهد القديم حول الازمنة الاخيرة لعلم ان الأزمنة لا تعرف بالرجال الخطائين واتباع وصاياهم وانما من خلال العلم والمعرفة الصحيحة والتسلح بثقافة العلامات . ان العالم المسيحي اليوم ينظر بعين عوراء للأحداث التي تحصل في العالم والتي من شانها ان تغير خارطة الكرة الأرضية خصوصاً مع تصاعد الأمور والأحداث في السنوات الست الاخيرة بموجة الربيع العربي وسقوط الانظمة العتيدة المتجبرة في الشرق الأوسط وتحرك قوى العالم وتقلب الموازين عكس مجرى التوقعات ، لكن العالم المسيحي خصوصاً يعيش في عزلة ويدير ظهره لكل هذه الاحداث التي تنبأ بقرب المجيء والخلاص فعلينا ان نرجع الى انفسنا ونسالها ماذا قدمت لخدمة الرب وماذا اعدت لكي تهيء الطريق لمجيء المخلص الموعود فقد تكون شجرة التين قد اورقت ونحن لا نعلم او قد يكون غصنها صار رخصاً كما تنبأ المسيح له المجد ونحن نضع نظارة العميان السوداء
وما دام حديثنا عن العلامات نقول  انها تمثل محور الاحداث في زماننا هذا الذي شهد عودة معلمنا العائد نجد تحقق الكثير منها ولعل اهمها سقوط بابل العظيمة المذكورة في سفر الرؤيا والتي اشرنا اليها في صفحاتنا ومواقعنا انها علامة بارزة من العلامات التي تقترن بالمجيء الثاني وهي تعني بغداد التي سقطت عام 2003 وكذلك الحكومات العربية التي اعقب سقوطها سقوط بغداد سقطت تلك الدول دولة اثر دولة في مشهد فريد من نوعه عبر التأريخ او على الأقل بهذه الكيفية وبفترة سنة واحدة لم يشهد التأريخ العربي مثل هذه الظاهرة ، العلامات الاخرى هي ظواهر الزلازل حيث شهد العالم زلازل كارثية مدمرة خلال السنوات الاخيرة كتسونامي وزلازل تركيا وايران والعالم بشكل عام في مناطق الحزام الزلزالي ، وكذلك قضية المجاعات التي نراها كمشهد مألوف في افريقيا والدول المعدمة التي عانت ولا زالت تعاني من نقص الغذاء بسبب ظلم الدول الرأسمالية في العالم التي تسرق قوت الشعوب المظلومة ، واما الاوبئة والأمراض فحدث عن الايبولا والملاريا والايدز والسرطانات المميتة ، حديث ولا حرج فيومياً نسمع بمرض جديد ...كل هذه الامور تثبت لنا بما لا يقبل الشك ان المسيح على الابواب ولم يبقى الا القليل ليقيم مملكته العادلة على الأرض .
اخيراً نقول ان هذا الكلام موجه للانسان المؤمن المنتظر للخلاص هل يختار ان يسمع من فم المشككين الذين يريدون تأخير اقامة المملكة العادلة ووضع العراقيل والاحجار في طريق الرب ويعملون كل جهدهم ضد عودة المسيح الذي سيكشف زيفهم وخداعهم للناس ؟...ام يختار ان يسمع من جهة الحق التي تتحدث وفق الادلة والنصوص المقدسة وتثبت للعالم ملامح الغصن الاخضر لشجرة التين وان الصيف قريب على الابواب ؟....بل ربما نحن نعيش فصل الصيف او الربيع الذي سيعلن للعالم شروق شمس الرب ومجيء المخلص الإلهي بحيث تراه كل عين وكل الشعوب في الأرض .


من فكر المسيح العائد


0 التعليقات: